كيف تتجاوز الفشل وتعيد بناء ثقتك بنفسك

ترجمة: ليما عبد

تدقيق: فرح العواد

مدة القراءة: ٧ دقائق

إن السنوات الطویلة من التخطیط و العمل الدؤوب لیست كافیة لوقایتك من الفشل، كان ھذا درسًا صعبًا تعلمته عالمة الفلك إریكا حمدین، بروفیسورة الفیزیاء الفلكیة في جامعة أریزونا وعضو في فریق تید. فقد قضت حمدين مع فریق من الباحثین ١٠ أعوام في بناء 'الفایربول' الذي یعرف بأنه منظار مصمم یتدلى من منطاد عملاق على بعد ١٣٠٠٠٠ قدم في الطبقة العلیا من الغلاف الجوي لملاحظة غیوم غاز الهیدروجین. وقد أطلقوه في ٢٢ من أیلول عام ٢٠١٨، غیر أنهم واجهوا مشكلة إذ ظهر أن المنطاد به ثقب أدى إلى سقوطه محطمًا في صحراء نیو مكسیكو. وقد كانت لحظات مؤلمة جدًا حین رأى الفریق عمله وجمیع البیانات التي كان یأمل أن یجمعها تتهاوى أمامه، لكن حمدین اكتشفت منذ ذلك الحین وجود ما یمكنك عمله لتجاوز الفشل وإعادة بناء ثقتك بنفسك.

وكما نعلم جيدًا فجمیعنا عرضة للفشل. فالفشل لیس فقط لأولئك الذین یخترعون المناظیر الفلكیة! فمن الممكن أن تختل محاضرة معروضة وقد یكون في فشل شركة جدیدة وقد یفلس محل تجاري وقد یصاب كاتب بحبسة الكتّاب. وذلك قد یشكل صدمة كبیرة تمنعك في كثیر من الأحیان من إعادة المحاولة.

لكن حمدین تقترح أخذ جزئیة من المنهج العلمي الذي یرى الفشل على أنه خطوة مهمة - وضروریة - تجاه إحراز التقدم. تقول حمدین لفریق تید أن "الفرضیة العلمیة بأكملها تهدف إلى إثبات خطأ نظریتك." وتضیف: " أن الاكتشاف ھو في الغالب عملیة لإیجاد الأمور غیر الصالحة، والفشل لابد منه للوصول إلى المعرفة."

وتشاركنا حمدین في ما یلي ببعض النصائح للوقوف على أقدامنا من جدید ، سواء أكنا نتخطى حدود الفلك في الفضاء الخارجي أم نتجول في مكاتبنا المنزلیة:

١. حضر قائمة للمهام لتعزیز ثقتك بنفسك 

لبناء ثقتك بنفسك لتحقیق أھدافك الكبیرة، علیك في البدایة أن تركز في الأھداف الصغیرة، وھذا یبدأ بالأعمال التي تؤدیها یومًا. فبعد أن تحضّر حمدین قائمة مهامها، تنظر إلیها وتسأل نفسها عن المهمة التي لدیها أقل رغبة بإنجازھا.

وتقول: "أقضي لحظات في التفكیر في السبب، ثم أشرع في إنجازھا." وفي أحیان كثیرة تجد أنها في أعماقها لا تعرف تماما كیفیة إنجازھا أو أنها قلقة من أن تفشل في ذلك. وتشرح ذلك قائلة: " ُتبنى الثقة بالنفس عندما تخوض شیئا جدیدا و یبدو لك مخیفا إلى حد ما ثم تنجح فيه، ثم تفعله مرة بعد مرة. فعلیك أن تكون شجاعًا، فرفضك أو خوفك غالبًا ما یكون مؤشرًا على اھتمامك.

فعندما تجد نفسك تتجنب أداء عمل ما، اسأل نفسك عما یخیفك، وضع باعتبارك ما سیحدث لو فشلت. ستصاب بالإحباط بالتأكید إن لم تسر الأمور على ما یرام، لكن ماذا سیكلفك ذلك في الواقع؟

تقول حمدین: "كنت أفعل ذلك باستمرار عندما كنت طالبة ولدي اختبارات، فأقول في نفسي أیا كانت النتیجة فسأبقى على قید الحیاة بعد انتهائها، فكثیر من الأفكار السلبیة تكون في معظم الأحیان في عقولنا فقط."

٢. افصل بین قیمتك وبین عملك

عندما تفشل، فإن ردة فعلك تكون بنقل ذلك الفشل إلى قیمتك الكاملة، وتقول في نفسك بما أن لا أحدا اشترى بضاعتي أو فكرتي، فلا بد أنني غیر جید.

لكن ھذا التفكیر إضافة إلى كونه یعطیك شعورًا سیئًا، فهو یجعل بعض الجوانب القیمة التي تساعدك في تجاوز الفشل تفوتك. تقول حمدین: "أرى أن النقطة الأساسیة من القیام بعمل ما ھي أن تكون قادرا بعد ذلك على أن تسأل نفسك ما الذي تعلمته منها. وعدم سیر الأمور على ما یرام یجعلك تتعلم أكثر."

ففي الأسابیع الملیئة بالإحباط بعد فشل إطلاق 'الفایربول'، أخذت حمدین إجازة وقررت عدم الالتفات خلالها لأي شعور أو تحویل ھزیمتها لمحاكمة لشخصها. وأشارت إلى أن الشخص تنبع قیمته من كونه موجودا، وأضافت قائلة : "أعتقد بأنه من الضروري أن نتجنب الشعور بالذنب والخزي، فالشعور بالذنب تجاه شيء ھو أسلوب یضمن عدم اقترابك منه مرة أخرى. فعلیك أن تذكر نفسك بأن عملك ھو شيء تؤدیه، ورغم أنه جزء مهم من حیاتك بالفعل، فهو لا یعكس قیمتك الشخصیة."

٣. انشئ مجموعة دعم متبادل واعتمد علیها

أنشأ الكاتبان والصدیقان المقربان أمیناتو سو وآن فریدمان مؤلفا الكتاب الجدید بعنوان (الصداقة الكبیرة: كیف نبقى قریبین من بعضنا البعض)، مفهوم نظریة الإشعاع التي عرّفاھا بأنها "استثمار طویل الأمد في مساعدة شخص ما في تحقیق ذاته الفضلى والاعتماد على مساعدته بدوره لعمل الشيء نفسه." بالإمكان تطبیق نظریة الإشعاع على جمیع علاقاتك، ولیس على صداقاتك الشخصیة فقط.

فكلما زاد شعاعك، سیزید ضوءك على من یحیطون بك. فرغم أنه قد یبدو غریبا في بعض الأحیان أن تشرح إنجازاتك خوفا من أن تبدو متبجحا، فنظریة الإشعاع تعتمد على فكرة الوفرة المتبادلة وعلى أن نجاح الآخرین لا یأخذ شیئا من نجاحك، بل إنه في الواقع یمنحك دفعة تعزیزیة.

وقد یساعدك إنشاء مجموعتك الداعمة في تجاوز لحظات فقدان الثقة بالنفس أو الفشل. ولإیجاد علاقات من ھذا النوع، تنصح حمدین بفتح حوار تذكر خلاله ما تریده بوضوح. فعندما یكون لدیك صدیق تستطیع أن تقول له: "أشعر بإحباط شدید، ھل أستطیع التحدث إلیك؟" أو "أنا مبتهج جدا وأرید أن أحتفل." فعندھا لا یكون على فشلك أو نجاحك أن یبدأ وینتهي عندك. فإن كنت تشعر بأنه لیس لدیك أشخاص قادرین على مساعدتك أومستعدین لها، فالسعي لهؤلاء الأشخاص وبناء العلاقات معهم سیجعلك تقول لنفسك إن لي قیمة في كل یوم، لكن إن لم یشعر من حولك بقیمتك سیكون صعبا علیك أن تؤمن بها.

وإن كنت تتعامل مع أشخاص یجعلونك تشعر بشعور غیر جید تجاه نفسك، فعلیك أن تتجنبهم أو تقلل الوقت الذي تقضیه بینهم في المستقبل، حسبما ذكرته حمدین.

٤. تذكر أنه لا أحد یهتم بفشلك مثلك أنت

في مختلف الظروف، یكون كل واحد منا ھو بطل قصته الخاصة، تقول حمدین ونتیجة لذلك فالآخرون لیسوا منتبهین لفشلك الشخصي بالدرجة التي تظنها. لكنك قد تكون في بیئة مهنیة یتفحص فیها الآخرون أداءك، وعندھا یكون بإمكانك أن تتعلم من تعلیقاتهم علیك.

فعلى سبیل المثال، إن تعثرت واتخذ زمیلك ذلك على أنه فرصة لإسقاطك أكثر، فستكتشف للأسف بأن ھذه البیئة لیست مناسبة لك. تقول حمدین: "ردود أفعال الأشخاص تخبرك بالكثیر عنهم، كما أنها تساعد في إطلاعك على العالم الذي تعیش فيه."

٥. كن متیقظا بشأن الاحتراق الوظیفي

خلال عملك على التحدي التالي الذي ستخوضه، من المهم أن تضع حدودا صارمة وحواجز في ما یتعلق بالوقت الذي ستقضیه في العمل به، لأنه كلما كنت قادرا على بذل مجهود أكبر علیه، فإن بناءك لثقتك بنفسك یزید أیضا. وتشیر حمدین إلى أن قضاء بعض الوقت بانتظام بعیدا عن العمل له أھمیة كبیرة.

وعادة ما تكون المشاریع المتعلقة بالضرائب خلیط من سباق جري طویل وقصیر، إذ إنه یتطلب إنجاز عدید من المهام في مواعید محددة لتحقیق ھدف أكبر. فاقتطع لنفسك وقتا للاحتفال عند إنجاز سباقات الجري القصیرة وكأنك تمارس الاسترخاء في وضعیة السافانا بعد جلسة من التأمل.

٦. اقتنع بإمكانیة النجاح مستقبلاً

یرتبط مستوى الجهد الذي تبذله لتحقیق ھدف ما بشعورك تجاه فشلك فیه، فكلما كان ھذا الهدف كبيرًا ومهما، یزید شعورك بالإحباط إن لم یتحقق. ومع ابتعادك أكثر عن فشلك، فإنك على الأغلب ستتعجب من مرونتك. فبعد مرور أكثر من عامین على إطلاق 'الفایربول'، أصبح لدى حمدین منظور جدید، إذ تقول: "استطعت تجاوز ذلك المشروع وتلك المهمة، وأستطیع تجاوز أي شيء آخر." وتستعد حمدین الآن مع زملائها للإطلاق الجدید عام ٢٠٢١. وتقول إنه مهما كانت النتیجة، فالكون سیبقى موجودا. فأحیانا یكون تجاوز الفشل السابق یتطلب فقط تغییر المنظور والاقتناع بإمكانیة حدوث شيء جدید.

 

 

المصدر:

https://ideas.ted.com/how-to-move-on-after-failure-and-rebuild-confidence-erika-hamden/

 

انسخ الرابط
أضف تعليق تعليقات الزوار ( 0 )