كيف تتجاوز الفشل وتعيد بناء ثقتك بنفسك؟
ترجمة: ليما عبد
تدقيق: فرح العواد
مدة القراءة: 6 دقائق
إن السنوات الطویلة من التخطیط و العمل الدؤوب لیست كافیة لوقایتك من الفشل.
كان ھذا درساً صعباً تعلمته عالمة الفلك إریكا حمدین، بروفیسورة الفیزیاء الفلكیة في جامعة أریزونا و عضو في فریق تید. فقد قضت حمدین مع فریق من الباحثین ١٠ أعوام في بناء 'الفایربول' الذي یعرف بأنه منظار مصمم یتدلى من منطاد عملاق على بعد ١٣٠٠٠٠ قدم في الطبقة العلیا من الغلاف الجوي لملاحظة غیوم غاز الھیدروجین. وقد أطلقوه في ٢٢ من أیلول عام ٢٠١٨، غیر أنھم واجھوا مشكله .
إذ ظھر أن المنطاد به ثقب أدى إلى سقوطه محطما في صحراء نیو مكسیكو. وقد كانت لحظات مؤلمة جداً حین رأى الفریق عمله وجمیع البیانات التي كان یأمل أن یجمعھا تتھاوى أمامه، لكن حمدین اكتشفت منذ ذلك الحین وجود ما یمكنك عمله لتجاوز الفشل وإعادة بناء ثقتك بنفسك.
وكما نعلم جیدا، فجمیعنا عرضة للفشل، فالفشل لیس فقط لأولئك الذین یخترعون المناظیر الفلكیة! فمن الممكن أن تختل محاضرة معروضة وقد یكون في فشل شركة جدیدة وقد یفلس محل تجاري وقد یصاب كاتب بحبسة الك ّتاب. وذلك قد یشكل صدمة كبیرة تمنعك في كثیر من الأحیان من إعادة المحاولة.
لكن حمدین تقترح أخذ جزئیة من المنھج العلمي الذي یرى الفشل على أنه خطوة مھمة - وضروریة - تجاه إحراز التقدم. تقول حمدین لفریق تید أن "الفرضیة العلمیة بأكملھا تھدف إلى إثبات خطأ نظریتك" وتضیف: " أن الاكتشاف ھو في الغالب عملیة لإیجاد الأمور غیر الصالحة، والفشل لا بد منھ للوصول إلى المعرفة".
وتشاركنا حمدین في ما یلي ببعض النصائح للوقوف على أقدامنا من جدید ، سواء أكنا نتخطى حدود الفلك في الفضاء الخارجي أم نتجول في مكاتبنا المنزلیة:
١. حضر قائمة للمھام لتعزیز ثقتك بنفسك
لبناء ثقتك بنفسك لتحقیق أھدافك الكبيرة، علیك في البدایة أن تركز في الأھداف الصغیرة، وھذا یبدأ بالأعمال التي تؤدیھا یوم ًیا. فبعد
أن تح ّضر حمدین قائمة مھامھا، تنظر إلیھا وتسأل نفسھا عن المھمة التي لدیھا أقل رغبة بإنجازھا.
وتقول: "أقضي لحظات في التفكیر في السبب، ثم أشرع في إنجازھا." وفي أحیان كثیرة تجد أنھا في أعماقھا لا تعرف تماما كیفیة إنجازھا أو أنھا قلقة من أن تفشل في ذلك. وتشرح ذلك قائلة: " ُتبنى الثقة بالنفس عندما تخوض شیئا جدیدا و یبدو لك مخیفا إلى حد ما ثم تنجح فیھ، ثم تفعلھ مرة بعد مرة. فعلیك أن تكون شجا ًعا . فرفضك أو خوفك غال ًبا ما یكون مؤش ًرا على اھتمامك.
فعندما تجد نفسك تتجنب أداء عمل ما، اسأل نفسك عما یخیفك، وضع باعتبارك ما سیحدث لو فشلت. ستصاب بالإحباط بالتأكید إن لم تسر الأمور على ما یرام، لكن ماذا سیكلفك ذلك في الواقع؟
تقول حمدین: "كنت أفعل ذلك باستمرار عندما كنت طالبة ولدي اختبارات، فأقول في نفسي أیا كانت النتیجة فسأبقى على قید الحیاة بعد انتھائھا، فكثیر من الأفكار السلبیة تكون في معظم الأحیان في عقولنا فقط.
٢. افصل بین قیمتك وبین عملك
عندما تفشل، فإن ردة فعلك تكون بنقل ذلك الفشل إلى قیمتك الكاملة، وتقول في نفسك بما أن لا أحدا اشترى بضاعتي أو فكرتي، فلا بد أنني غیر جید.
لكن ھذا التفكیر إضافةً إلى كونه یعطیك شعوراً سیئاً، فھو یجعل بعض الجوانب القیمة التي تساعدك في تجاوز الفشل تفوتك. تقول حمدین: "أرى أن النقطة الأساسیة من القیام بعمل ما ھي أن تكون قادرا بعد ذلك على أن تسأل نفسك ما الذي تعلمته منھا. وعدم سیر الأمور على ما یرام یجعلك تتعلم أكثر".
ففي الأسابیع الملیئة بالإحباط بعد فشل إطلاق 'الفایربول'، أخذت حمدین إجازة وقررت عدم الالتفات خلالھا لأي شعور أو تحویل ھزیمتھا لمحاكمة لشخصھا. وأشارت إلى أن الشخص تنبع قیمته من كونھ موجوداً، وأضافت قائلةً : "أعتقد بأنه من الضروري أن نتجنب الشعور بالذنب والخزي، فالشعور بالذنب تجاه شيء ھو أسلوب یضمن عدم اقترابك منھ مرة أخرى. فعلیك أن تذكر نفسك بأن عملك ھو شيء تؤدیه، ورغم أنه جزء مھم من حیاتك بالفعل، فھو لا یعكس قیمتك الشخصیة".
٣. انشئ مجموعة دعم متبادل واعتمد علیھا
أنشأ الكاتبان والصدیقان المقربان أمیناتو سو وآن فریدمان، مؤلفا الكتاب الجدید بعنوان (الصداقة الكبیرة: كیف نبقى قریبین من بعضنا البعض)، فمفھوم نظریة الإشعاع التي عرفاھا بأنھا "استثمار طویل الأمد في مساعدة شخص ما في تحقیق ذاته الفضلى والاعتماد على مساعدته بدوره لعمل الشيء نفسه" بالإمكان تطبیق نظریة الإشعاع على جمیع علاقاتك، ولیس على صداقاتك الشخصیة فقط.
فكلما زاد شعاعك، سیزید ضوُءك على من یحیطون بك. فرغم أنه قد یبدو غریبا في بعض الأحیان أن تشرح إنجازاتك خوفا من أن تبدو متبجحا، فنظریة الإشعاع تعتمد على فكرة الوفرة المتبادلة وعلى أن نجاح الآخرین لا یأخذ شیئا من نجاحك، بل إنه في الواقع یمنحك دفعة تعزیزیة.
وقد یساعدك إنشاء مجموعتك الداعمة في تجاوز لحظات فقدان الثقة بالنفس أو الفشل. ولإیجاد علاقات من ھذا النوع، تنصح حمدین بفتح حوار تذكر خلاله ما تریده بوضوح. فعندما یكون لدیك صدیق تستطیع أن تقول لھ: "أشعر بإحباط شدید، ھل أستطیع التحدث إلیك؟" أو "أنا مبتھج جدا وأرید أن أحتفل". فعندھا لا یكون على فشلك أو نجاحك أن یبدأ وینتھي عندك. فإن كنت تشعر بأنه لیس لدیك أشخاص قادرین على مساعدتك أو مستعدین لھا، فالسعي لھؤلاء الأشخاص وبناء العلاقات معھم سیجعلك تقول لنفسك إن لي قیمة في كل یوم، لكن إن لم یشعر من حولك بقیمتك سیكون صعبا علیك أن تؤمن بھا.
وإن كنت تتعامل مع أشخاص یجعلونك تشعر بشعور غیر جید تجاه نفسك، فعلیك أن تتجنبھم أو تقلل الوقت الذي تقضیه بینھم في المستقبل، حسبما ذكرته حمدین.
٤. تذكر أنه لا أحد یھتم بفشلك مثلك أنت
في مختلف الظروف، یكون كل واحد منا ھو بطل قصته الخاصة، تقول حمدین، ونتیجة لذلك، فالآخرون لیسوا منتبھین لفشلك الشخصي بالدرجة التي تظنھا. لكنك قد تكون في بیئة مھنیة یتفحص فیھا الآخرون أداءك، وعندھا یكون بإمكانك أن تتعلم من تعلیقاتھم علیك.
فعلى سبیل المثال، إن تعثرت واتخذ زمیلك ذلك على أنه فرصة لإسقاطك أكثر، فستكتشف للأسف بأن ھذه البیئة لیست مناسبة لك. تقول حمدین: "ردود أفعال الأشخاص تخبرك بالكثیر عنھم، كما أنھا تساعد في إطلاعك على العالم الذي تعیش فیه".
٥. كن متیقظا بشأن الاحتراق الوظیفي
خلال عملك على التحدي التالي الذي ستخوضه، من المھم أن تضع حدوداً صارمة وحواجز في ما یتعلق بالوقت الذي ستقضیه في العمل به، لأنه كلما كنت قادراً على بذل مجھود أكبر عليه، فإن بناءك لثقتك بنفسك یزید أیضاً. وتشیر حمدین إلى أن قضاء بعض الوقت بانتظام بعیداً عن العمل له أھمیة كبیرة.
وعادة ما تكون المشاریع المتعلقة بالضرائب خلیط من سباق جري طویل وقصیر، إذ إنه یتطلب إنجاز عدید من المھام في مواعید محددة لتحقیق ھدف أكبر. فاقتطع لنفسك وقتا للاحتفال عند إنجاز سباقات الجري القصیرة وكأنك تمارس الاسترخاء في وضعیة السافانا بعد جلسة من التأمل.
٦. اقتنع بإمكانية النجاح مستقبلاً
يرتبط مستوى الجهد الذي تبذله لتحقيق هدف ما بشعورك تجاه فشلك فيه، فكلما كان هذا الهدف كبيرًا ومهمًا، يزيد شعورك بالإحباط إن لم يتحقق. ومع ابتعادك أكثر عن فشلك، فإنك على الأغلب ستتعجب من مرونتك. فبعد مرور أكثر من عامين على إطلاق 'الفايربول'، أصبح لدى حمدين منظور جديد، إذ تقول: "استطعت تجاوز ذلك المشروع وتلك المهمة، وأستطيع تجاوز أي شيء آخر".
وتستعد حمدين الآن مع زملائها للإطلاق الجديد عام ٢٠٢١. وتقول إنه مهما كانت النتيجة ، فالكون سيبقى موجودًا. فأحيانا يكون تجاوز الفشل السابق يتطلب فقط تغيير المنظور والاقتناع بإمكانية حدوث شيء جديد.
المصدر :
https://ideas.ted.com/how-to-move-on-after-failure-and-rebuild-confidence-erika-hamden/