حاجة المترجمين الفوريين الملحة للبحث عن أفضل العادات المهنية

ترجمة: ميساء عابد

تدقيق: لولوه الحسيان

مدة القراءة: 6 دقائق

 

 

شاركت في تأليف وثيقة نشرتها منظمة المترجم الفوري الأمريكي"Interpret America" العام الماضي بعنوان "أفضل الممارسات في مهنة الترجمة الفورية: الترجمة التتبعية خارج نطاق المؤتمرات".

 

وأكملت مسودة في الشهر الماضي أيضًا لوثيقة بعنوان "أفضل الممارسات في مهنة الترجمة الشفوية: المترجم الطبي المحترف".

وحين ترجمتُ في الأمس اجتماع مجلس إدارة المدرسة المحلي نسيت كل شيء متعلق بأفضل الممارسات التي عملت بجد من أجلالترويج لها. لكني وصلت في الوقت المحدد وبحالة جيدة، وجهزتُ معداتي المتنقلة للترجمة الشفوية، وتحققتُ من أمين المنطقة عن أي مواد جديدة لاستخدامها أثناء الاجتماع، بل وأتيحت لي فرصة التحدث فترة وجيزة مع استشاري كان من بين المتحدثين، حيث أنه سيقدم عرضًا موجزًا ​​حول الطاقة الخضراء في المدارس. وعند وصول الشخصيات الهامة في المجتمع الذين احتاجوا للترجمة الفورية جهزت لهم السماعات ثم أخذت مكاني، وكان محضر الاجتماع وجدول الأعمال جاهزين في جهازي الشخصي لذلك كان علي فقط انتظار بدء الاجتماع.

 

"مساء الخير. افتتحت الجلسة الساعة 7:12 مساء. التوصية الأولى في الاجتماع هي ... ".

 

"ماذا قال رئيس المجلس؟" وفي تلك اللحظة أدركت أنني نسيت تمامًا "أحد أكثر العادات وضوحًا التي يحتاج أي مترجم فوري أن يسيطر عليها أولًا وقبل كل شئ، وهي الصوت. جلس خمسة من أعضاء مجلس الإدارة على الطاولة، وجلس أمامي المشرف والمسؤول المالي الإقليمي، وبالكاد كنت أستطيع سماع كلمة واحدة لذلك قضيت بقية الأمسية وأنا أنحني للأمام والخلف، ولليمين واليسار محاولًا التقاط تعليقات الجميع. ولمت نفسي كون مظهري كان غبيًا جدًا.

 

بغض النظر عن كون هذه التجربة تنبيه بسيط للمترجمين المتمرسين على ألا تكون لديهم ثقة زائدة بأنفسهم، فإنها تقدم نظرة مصغرة لعالمنا واحتياجاته كخلق أو اتخاذ أفضل الممارسات على وجه السرعة في العديد من الجبهات وللعديد من الجماهير.

 

لا يوجد هنالك تعريف واحد متفق عليه لمصطلح أفضل الممارسات، وقد تجده في العديد من المجالات وله استخدامات مختلفة تعتمد على كل مجال كتكنولوجيا المعلومات أو التسويق أو الرعاية الصحية أو التعليم. أما في مقالي هذا فسوف أعتمد التعريف المذكور في موقع انفستوبيديا "Investopedia" ألا وهو:

"مجموعة من المبادئ التوجيهية، أو الأخلاقيات، أو الأفكار التي تمثل مسار العمل الأكثر كفاءة أو حكمة. وتُحددها السلطة والظروف غالبًا، مثل هيئة توجيهية أو إدارية. في حين أن أفضل الممارسات تملي عادةً مسار العمل الموصى به إلا أن بعض الحالات تتطلب اتباع هذه الممارسات ".

 

تمثل حكاية الترجمة الشفوية في المناسبات الصغيرة مثل اجتماع مجلس إدارة المدرسة حقيقة متكررة جدًا للمترجمين الفوريين الذين يقدمون خدمات مجتمعية أو في أوساط الأعمال في جميع أنحاء البلاد. ويتمتع العملاء بحسن النية ولكنهم يجهلون الخدمات التي يتعاقدون معنا على أداءها جهلًا تامًا. لذلك فإن الأمر متروكٌ لنا دائمًا باعتبارنا مترجمين فوريين كي نتعامل جيدًا مع ظروف العمل الصعبة لأداء خدماتنا باحترافية وبما يتماشى مع أخلاقياتنا ومعاييرنا المهنية.

 

وفي هذه الحالة يمكن أن تستفيد الترجمة الفورية استفادة كبيرة من المؤسسات المهنية التي تبتكر إرشادات بأفضل الممارسات المهنية للمترجمين والمستخدمين لضمان العمل في ظل ظروفه الصعبة عبر مجموعة واسعة من الضوابط. وبصياغة "أفضل الممارسات في مهنة الترجمة الشفوية"، تحاول منظمة المترجم الفوري الأمريكي "Interpret America" تجسيد هذه الفكرة وتوفير موارد مستهدفة في مجالات غير مدعومة.

 

ولكن توسيع الممارسة المهنية في قطاعات السوق التقليدية مثل المجتمع والطب ليست سوى قطرة في بحر. حيث يواجه مجالنا الآن تغييرًا في نطاق العمل وبوتيرة لم يسبق لها مثيل. فإن اعتماد التقنيات الجديدة واندفاع المبتكرين الأذكياء والمبدعين من خارج مجالنا للحصول على حصة من السوق الدولية المزدهرة في صناعة الخدمات اللغوية يعد تغييرًا جوهريًا لا رجعة فيه إذا لم تستجب له جمعياتنا المهنية وقيادات الصناعة حتى الآن.

 

ولتسليط الضوء على هذه النقطة سأذكر هذين المثالين :

 

أولها الهاتف الذكي:

ابتُكر الهاتف الذكي كما هو معلوم في 2007 قبل ست سنوات، عندما كشف ستيف جوبز عن هاتف "ايفون". ويبلغ عمر جهاز "ايباد" ثلاث سنوات فقط. وإذا نظرنا إلى إحصائيات معدل اعتماد الأطباء والممرضات على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في غضون الست سنوات الماضية فإن 69٪ من الأطباء و 96٪ من الممرضات يستخدمون الحلول المتنقلة للأنشطة اليومية.

 

ماهي الحلول التي توفرها هذه الأجهزة الذكية ؟. إنها تحتوي على التطبيقات والبرامج بجميع أنواعها، بما في ذلك برامج الترجمة الآلية وتطبيقات الترجمة الشفوية الإلكترونية. وتشمل هذه التطبيقات نماذج جاهزة ومنخفضة التكلفة للاستخدام في خدمات الترجمة الفورية والتي يمكن الوصول إليها بسهولة مثل "Sendboo" و "VerbalizeIt" و "Babelverse".  هل سمعت عن هذه الخدمات من قبل؟ إذن خذ وقتك وتمعن فيها لأنها تشكل زعزعة رقمية في مهنتنا حيث أن المطورين يتجهون مباشرةً إلى المستخدم النهائي من خلال تقديم نماذج لخدمات غير مكلفة وموثوقة ويمكن الوصول إليها بسهولة من خلال منصات محايدة أي أنها تعمل على جميع الأجهزة كأجهزة "اندرويد" و "ماك" وأجهزة الكمبيوتر الشخصية والأجهزة اللوحية والهواتف وما إلى ذلك. وتعِدنا هذه الشركات كذلك بابتكار أفكار جديدة ولكنها تحتاج احتياجًا عاجلًا إلى مدخلاتنا وإرشادات متعلقة بالممارسات المهنية للترجمة من أجل ضمان جودة وكفاءة خدمات اللغة التي تقدمها. ويعمل هؤلاء في الوقت الحالي عملًا كاملًا تقريبًا خارج الإطار المحدد لمهنتنا.

 

أما المثال الثاني فهو يعتمد على أمر تقني سيدهش معظمنا، إنه: "WebRTC". تعتبر "WebRTC" منصة اتصالات على الشبكة العنكبوتية قائمة على العمل عبر المتصفحات مثل "فايرفوكس" و "كروم" و"انترنت اكسبلور". وتنقل الصوت والصورة بجودة ودقة عالية (HD) وتوفر اتصالًا سريعًا لمتصفحات الشبكة. وبتعبير آخر مجرد أن تصبح هذه القاعدة معرفة على أجهزة مقدمي الخدمة فلن يكون من الممكن بث الصوت والفيديو بدقة عالية عبر الشبكة فحسب، بل سيكون قابلًا للعمل على جميع المنصات. وسنكون قادرين على عقد اجتماعات عن بعد بين المستخدمين حول العالم باستخدام أجهزة الحاسب ومتصفحات وبرامج إنترنت مختلفة دون الحاجة إلى أي برامج إضافية.

WebRTC هو نقطة التحول لتوفير خدمات ترجمة شفوية عالية الجودة على المنصات المتنقلة في أي مكان حول العالم. ولن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لمعرفة تأثير ذلك على اتفاقيات العمل طويلة الأمد التي تحققت بشق الأنفس لمترجمي المؤتمرات في الأماكن الدولية، والتي تعتمد حاليًا على الترجمة وجهًا لوجه. ولا يحتاج الأمر إلى قدر كبير من التفكير لكي نفهم مدى احتمالية أن نتمكن قريبًا من توفير كل ما نحتاجه على أشرطة الفيديو في عدة مجالات مثل الطب، والترجمة الشفوية في المحاكم، ومؤتمرات الأعمال وغيرها.

 

كتب مايكل سايور مؤلف كتاب "تسونامي التقنيات الجوالة" "إن العولمة الحقيقية تكمن عندما يمكن توظيف طبيب في بانغالور لفحصنا مقابل 10 دولارات. وسوف يتحقق هذا الطبيب من درجة الحرارة وضغط الدم ومعدل ضربات القلب وسيجري تخطيطًا كهربائيًا للقلب من خلال أجهزة استشعار طبية متصلة بهواتفنا أو متوفرة في كشك طبي".

 

تحتاج مهنتنا إلى زيادة وتيرة الاستجابة في مواجهة مثل هذا التغيير السريع والشامل. فنحن بحاجة لأفضل الإرشادات المتعلقة بالممارسات المهنية والتوصيات لكل شيء بدءًا من كيفية الانتقال إلى العصر الرقمي من خلال استخدام بعض هذه المنصات إلى موارد تعليم راسخة للعملاء لحماية ظروف عملنا.

 

 

  

 

المصدر : 

https://najit.org/the-urgent-need-for-best-practices-in-the-interpreting-profession/ 

 

 

 

انسخ الرابط
أضف تعليق تعليقات الزوار ( 0 )