سبع عادات يمتاز بها المترجمون فائقي التأثير
ترجمة: آلاء الحازمي
تدقيق: خلود الخنيني
مدة القراءة: 5 دقائق
كتب ستيفن كوفي في عام 1989 كتابه الشهير "العادات السبع للناس الأكثر فعالية"، وقد نجح الكتاب نجاحاً باهراً، حيث بيع أكثر من 15 مليون نسخة وترجم إلى 38 لغة. نقل كوفي في كتابه رسالة مفادها أن للناس الأكثر فعالية سبع عادات أو أنظمة من شأنها وضع الأساس لنجاحهم. ووصفت في هذا المنشور على المدونة سبع عادات تجعل المترجمين أكثر فعالية.
أهمية أن تكون فعالاً
يتشارك العديد من الزملاء على مواقع التواصل الاجتماعي كيف يقضون يومهم أو كيف يسير مشروع معين، وينشرون التحديات والمشكلات التي تواجههم أثناء محاولة إتمام مهمة ما دون تأخير. إنها مهمة شاقة للغاية؛ فأي مترجم هذا الذي لم يصل أبداً إلى نقطة يبدو فيها إتمام العمل مهمة مستحيلة؟ وأي مترجم هذا الذي لم يؤجل قط عملاً ما بسبب حالة ذهنية طرأت عليه أو بسبب قلة التحفيز أو الخوف من نقل ترجمة دون المستوى المأمول؟
ومع ذلك كله ينبغي أن تنجز الأعمال ومن المهم أن يتم ذلك بفاعلية. إن تأجيل الأعمال أو تسويفها يعني قطعاً أنك تقضي وقتك بإنجاز مهامٍ غالباً ما تكون أقل أهمية، مما يجعل إنهاء العمل في الوقت المحدد يشكل تحدياً أكبر. والأهم من ذلك هو أن قدراً كبيراً من فترة التأخير لا يمكن تعويضه مطلقاً، مما يؤدي إلى أسابيع من العمل بفاعلية أقل علاوة على أنه من المرجح أن تؤدي إلى مشكلة مالية بنهاية الشهر.
أن تكون فعالاً فإن ذلك يعني أن تنجز عملك بالوقت المحدد، إلا أن ذلك يتطلب أيضاً بعض المهارات التي تساعدك في تحقيق هذه الفعالية. ولن يتمكن المترجمون من إتمام العمل بفعالية ما لم تتوفر مجموعة من المهارات اللازمة، وقد تحصل على ترجمة جيدة في ظل فقدان بعض المهارات إلا أن العمل لم يُنجز بأقصى قدر ممكن من الفعالية ناهيك عما يترتب عليه من التبعات المالية.
وفيما يلي سبع عادات تساعد المترجمين ليصبحوا فعالين وناجحين في أعمالهم.
العادة الأولى: معرفة لغتك الأم
قد يرى المترجمون المحترفون أن معرفة الشخص للغته الأم أمراً غريباً جداً. وفي الواقع فإن معرفة لغتك الأصلية أحد أهم الجوانب لتصبح محترفًا في مهنتك. ومع ذلك يوجد العديد من المترجمين يفتقرون إلى معرفة لغتهم الأم رغم أنهم مترجمون محترفون لسنوات عديدة. ولو حصرت الأخطاء الإملائية والنحوية والتركيبية والأسلوبية وأخطاء علامات الترقيم التي صادفتها أثناء عملك مترجماً مستقلاً فستعلم قطعاً صحة ذلك.
أن تكون ماهرًا جداً في "لغتك الهدف" يعد متطلباً في مهنتك بصفتك مترجمًا، وليس هذا فحسب بل يتيح لك أداء عملك بفعالية، حيث تتطلب مهنة الترجمة التفكير والترجمة والكتابة والتأكد من القواعد الإملائية والنحوية مما سيعرقل الوتيرة التي يمكنك العمل بها. وبما أن السرعة ليست الجزء الأهم من مهنة الترجمة، لكن ينبغي أن تكون قواعد اللغة سلسة على المترجمين تماماً بقدر معرفتهم لأبجدية اللغة. ومع المعرفة السليمة للغتك الأم يمكنك أداء عملك على الوتيرة السليمة وبالجودة المتوقعة.
العادة الثانية: معرفة اللغة المصدر
إن القواعد المتماشية مع العادة الأولى تتماشى كذلك مع معرفة "لغتك المصدر". وبما أن المترجمون المحترفون لا يمكنهم معرفة كل كلمة في اللغة التي يترجمون منها، يجب عليهم معرفة كل القواعد الإملائية والنحوية ليتسنى لهم الحكم على النص في اللغة المصدر. وبمعرفة هذه القواعد يتأتى الحكم سريعاً كيف بنيت الجمل في اللغة المصدر وما الذي تعنيه فعلاً – بالإضافة إلى معرفة الفوارق الدقيقة المنطبقة وبدائل الترجمة المتاحة. وقد يؤدي فقدان ذلك إلى الأخطاء الواردة والأعمال المعادة للتصحيح وحينها يضيع الوقت في تقييم جميع الترجمات المحتملة. ومع أنه لا يمكن تلافي مثل هذه العثرات دائماً، إلا أن المهارات الجيدة في اللغة الثانية كفيلة بضمان إنجاز الأعمال على نحو أسرع، مما يزيد فعالية المترجمين.
العادة الثالثة: معرفة تقنيات الترجمة
في هذا الوقت الذي يزخر بتقنيات الترجمة، فإن معرفة هذه التقنيات ليس ضرورياً فحسب بل إنه أمرٌ لا غنى عنه. وينبغي على المترجمين المحترفين على الأقل معرفة كيف يستخدمون أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب (CAT tools) كون هذه البرامج الحاسوبية تتيح لهم الترجمة بفعالية أكثر، حيث يمكنهم إدراج ذاكرات الترجمة واستخدام قواعد المصطلحات وإجراء عمليات التحقق من الجودة تلقائياً، مما يجعلهم أكثر براعة. وذلك لأنه لم يعد هناك حاجةٌ إلى تنسيق الترجمة، مما أكسبهم مزيداً من الوقت. فإن كنت تريد أن تزيد من فعاليتك أكثر، عليك أن تأخذ بعين الاعتبار أن تتعلم استخدام أكثر من أداة واحدة للترجمة بمساعدة الحاسوب، فليس كل أداة تستطيع معالجة جميع تنسيقات الملفات بنفس الدرجة من الدقة. وميزة ذلك أنه يتيح لك فرصة ترجمة أعمال إضافية، وتتبوأ مكانةً أفضل في صناعة الترجمة.
وإلى جانب معرفة أدوات الترجمة بمساعدة الحاسوب فإن البحث عن التقنيات الناشئة الأخرى مثل الترجمة الآلية فكرة جيدة. حتى وإن فضلت عدم استخدام مثل هذه التقنيات، فإن معرفة كيفية عملها وتطبيقها في عملك يساعدك في تنظيم عملك بطريقة أكثر فعالية. وبما أن استخدام الترجمة الآلية لا يؤدي بالضرورة إلى تحسينات في السرعة، لكنها ستجعل عملك أكثر كفاءة إذا ما قُرنت مع التقنيات الأخرى مثل الاقتراح الآلي والترجمة الآلية.
العادة الرابعة: معرفة كيفية تنظيم العمل
أن تكون مترجماً لا يعني أن تمضي اليوم كاملاً بالترجمة، فأنت بحاجة أيضاً إلى الاهتمام بإدارة المشروع وإدارة ذاكرة الترجمة وقاعدة المصطلحات وإعداد الفواتير وغيرها من المهام الأخرى، وهذه أمور تتطلب بعض التنظيم سواء على حاسوبك أو من ناحية الوقت.
إن انتهاج طريقة منظمة لأداء العمل وتنظيم الملفات والمشاريع في مجلدات سيجعلك أكثر فعالية، وعلى سبيل المثال فإن تجميع كل ذاكرات الترجمة في مجلد باسم " ذاكرات الترجمة" يعد فكرة جيدة، ويسهل عليك الوصول إليها من أداتك الحاسوبية المساعدة في الترجمة، بدلاً من حفظها في ملفات المشاريع التي تحتاج إلى التعمق فيها من أجل العثور على ذاكرات الترجمة السابقة. وأياً كان النهج الذي تختاره، تأكد من أنه يلائم نمط حياتك ويجعلك أكثر فعالية، فتنظيم الأشياء من شأنه أيضاً أن يجعلك أقل فاعلية إذا ما احتجت إلى النقر فوق مجموعة مجلدات أو احتجت في كل مرة إلى فتح مجلدات وبرنامج جديد، لذلك خذ بالحسبان الخيار الأمثل قبل أن تتصرف. وخلاصة القول بأن التنظيم يجعل حياتك المهنية أكثر فعالية، مؤدياً إلى كسب المزيد في الوقت وعائد مالي أفضل.
العادة الخامسة: معرفة ما يجب فعله وما لا يجب فعله
تبدو هذه العادة أمراً بديهياً ولكن لابد من التأكيد على الأثر الناجم عن عدم معرفة ما يجب فعله على توازن عملك. إن الشروع في عمل يبدو مثيراً للاهتمام لكنه لا يتناسب مع اختصاصك أو إطارك الزمني يعد مثالاً لعادة خاطئة تدمّر فعاليتك. لعل من الأفضل تحديد ما هو تخصصك بالضبط، حتى لا تجد نفسك في مجال تفتقر فيه للخبرة والمعرفة مؤدياً بك الى التلكؤ وقضاء وقتك في البحث، والذي لن تضطر إليه في حال عملك في تخصصك. ومن ناحية أخرى، فإن العمل في مجالات تخصصك سيضاعف وتيرة إنجازك بحيث تستطيع إتمام الأعمال دون الحاجة للبحث عن كل مصطلح تمر به.
قد يكون اختيارك للعمل مع عملاء معينين فكرة جيدة إذا تسنى لك ذلك لأنك لن تضطر لتبديل الأساليب والنبرة والمفردات، وهذا كله يؤثر أيضاً على فعاليتك.
العادة السادسة: معرفة متى وأين تعمل
بعض المترجمين تكون ذروة نشاطهم في الصباح، والبعض الآخر في المساء، ومنهم من يفضل العمل عن بعد في أماكن مختلفة، ومنهم من يحب العمل دائمًا في بيئة العمل نفسها. لذا تأكد من أنك تعلم متى وأين تكون فعالاً أكثر. إن الأشخاص الليليين لا يؤدون بأفضل حالاتهم في الصباح الباكر، مما قد ينتهي بهم إلى الضجر والتلكؤ، أما الصباحيين فأقل ما يقال بأن المساء ليس بأفضل أوقاتهم.
إن دراسة بسيطة عن شخصيتك تستطيع إظهار رؤى كبيرة من شأنها تحسين فعاليتك ومع ذلك فهي تتطلب الظروف الملائمة فقد يمكن للعمل في بيئة عمل مشتركة أن يكون ملهماً إلا أن عدم توفر المصادر الصحيحة في متناول اليد، أو أن تكون مشتت الانتباه بمن حولك، قد يؤثر سلباً على فاعليتك. تأكد من أن تضع المقومات الصحيحة لتؤدي عملك بإتقان وإذا احتجت ان تنفق المال لزيادة فعاليتك فالأمر يستحق ذلك.
العادة السابعة: منع المشتتات
استخدام الحاسوب يعني أن المشتتات في كل مكان: في رأسك، وعلى مكتبك وغالباً على الإنترنت. امنع هذه المشتتات بالاستثمار في برامج حاسوبية تستطيع حجب مواقع الإنترنت في أوقات محددة أو باتباع سياسة المكتب النظيف. قد تجد أن البيئة النظيفة ستسرّع وتيرة فعاليتك. لذلك اقضِ بعض الوقت أو أنفق بعض المال للتأكد من تزايد فعاليتك فربما يسفر هذا عن عوائد مالية أفضل أو وقت أكثر لتقضيه مع أحبابك.
وقد قيل بأن حياة العمل يجب ألاّ تتمحور حول الفعالية فقط ومع أهميتها إلا أن جودة الحياة تعادلها على حد سواء حتى يمكن الحفاظ على المتعة في مهنة الترجمة، فانعدام هذه المتعة سينعكس على الفعالية في نهاية المطاف ولذلك يعد جانباً مهماً من العمل.
وإن حدث في يوم من الأيام وقيّمت فاعليتك ورأيت أنك لم تحقق توقعتك فما زال في الوقت متسع. فالفعالية في أي عمل تؤدي إلى إنجازه مبكراً ليتبقى لديك وقت للاستمتاع والاسترخاء، وتظل عادة لا غنى عنها لأي مترجم ناجح.
المصدر :
https://theopenmic.co/the-seven-habits-of-highly-effective-translators/