لا تزال اللغة اللاتينية ذات أثر ملحوظ في أنحاء شتى من العالم، ورغم أنها حاليًا اللغة المُتحدث بها في الفاتيكان فقط، إلا أن هناك أسباب عدة تُحتم علينا تعلم اللغة اللاتينية.

تُعد اللغة اللاتينية لغة ميتة ولكن هذا لا يعني أنها لغة منسية. وبالرغم من أن تداولها ينحصر على مجتمع الفاتيكان فقط، إلا أنك قد تجد استخداماتها جليّة في جوانب مختلفة من الحياة كالكتب التي تقرأها والأفلام التي تشاهدها وحتى في المفردات التي تستخدمها، بالإضافة الى استخدامها كحجر أساس في بناء قواعد العديد من اللغات الأوربية والتاريخ والفنون والطب والأدب وحتى القانون. 

قد تُصنف اللغة اللاتينية من اللغات المهجورة ولكن بالتأكيد استخداماتها حاضرة. وبالرغم من استخدامها المُنحصر على نطاق ضيق مقارنة بما كانت عليه في السابق، إلا أن هناك عوامل عديدة توضح مدى أهمية تعلم وفهم هذه اللغة. 

أولا: تعلم اللغة اللاتينية ينمي حصيلة المفردات لديك .

إحدى فوائد تعلم اللغة اللاتينية هي أنها تساهم في تعزيز مستوى حصيلة المفردات لديك، حيث تشكل مفردات اللغة اللاتينية الجزء الأكبر من اللغة الإنجليزية وهذه حقيقة قد يجهلها الكثير. بعد البحث والتعمق في أصول المفردات الإنجليزية، ستجد ان هناك صلة بين مفردات اللغتين بحيث تُسهل على المتعلم ربط الكلمات بمعانيها بالإضافة الى تحسين استخدام قواعد اللغة والنحو وصياغة الجمل بطريقة صحيحة. 

على سبيل المثال: 

• الكلمة الإنجليزية “momento” مشتقة من “meminisse” اللاتينية وهي تعني تذكر .
• الكلمة الإنجليزية “mortal” مشتقة من “mors” اللاتينية وهي تعني موت. 

ثانيا: تعلم اللغة اللاتينية يجعل مجال الأدب أكثر متعة . 

هنا بالتحديد نسلط الضوء على فئة معينة ألا وهم قُرّاء الأدب وهواة الروائع الأدبية. عندما تقرأ الأدب هل تستطيع الإلمام بكل ما قرأته؟ وهل توجد هناك جوانب ملحوظة تشكل عائقاً للفهم؟ خلال السفر أيضا، هل تستطيع فهم العبارات المكتوبة على اللافتات والرفوف والمعروضات في المتاحف؟ 

لماذا يحظى متعلمو اللغة اللاتينية بمتعة فهم النصوص الأدبية؟ السبب هنا يكمن وراء وجود الكثير من النصوص التي يُهيمن عليها استخدام اللغة اللاتينية بشكل سائد. بمعنى آخر، حينما تقرأ وتفهم ما قمت بقراءته، فهذا يعتبر دلالة كافية على مستوى المعرفة المتعلقة بالكتابة والقراءة لديك والتي بدورها تتيح لك الاستمتاع بقراءة وفهم النصوص الأدبية. ومن ذلك مثلاً، بعض العبارات اللاتينية التي لاتزال تُستخدم حتى اليوم في النصوص الأدبية في اللغة الإنجليزية، ولا شك أن الفهم الصحيح لهذه النصوص يتطلب درجة استيعاب بليغة لفهم مصطلحات وعبارات معينة تُعرف بـ الصّيغ أو العبارات اللاتينية. 

ومنها على سبيل المثال، 

• “Consensus” وهي تعني الإجماع.
• “Ad hoc” وهي تعني من أجل أو لهذا الغرض.
• “De facto” وهي تعني فعلي أو واقعي.
• “Ad lip” وهي تعني ارتجالي. 
• “Ego” وهي تعني الأنا أو الذات. 

ثالثا: تعلم اللغة اللاتينية يجعلك شخصًا متعدد اللغات. 

أن تكون شخصًا متعدد اللغات يعني أن تجني فوائد عديدة، وعادة ما تتمثل هذه الفوائد بشكل ملموس في الصعيد المهني، حيث يعتبر ذلك مصدر قوة يرفع مستوى الكفاءة لديك وبالتالي تصبح شخصًا نادرًا. 

تعلم اللغة اللاتينية هو بمثابة محطة عبور رئيسية لا تستطيع الوصول للغات الأخرى إلا من خلالها، ومن هذه اللغات، اللغة الفرنسية والإيطالية والإسبانية والمعروفة باللغات الرومانسية المنحدرة من اللغة اللاتينية. ولذلك اتقان اللغة اللاتينية أشبه بحمل هوية عالمية تسهل الوصول الى اللغات الأجنبية الأخرى واتقانها بشكل أسرع. 

رابعا: تعلم اللغة اللاتينية يحسن مهارات التفكير لديك. 

قد يتطرق الى مسامعك أن اللغة اللاتينية ليست من اللغات السهلة وهذا بالفعل ما يجب عليك توقعه. تَثبت صحة هذه الحقيقة أيضاً حتى إذا أردت أن تتعلم اللغة اللاتينية عن بعد، فلن تجدها إلا بنفس درجة الصعوبة المتوقعة، وليس هناك مسلك اخر لتجنب أو لتلطيف هذه الحقيقة إلا بقبولها كما هي. وكما اشرت مسبقاً ان تعلم اللغة اللاتينية سيكون من المهام الصعبة، ولكن أثناء عملية التعلم ستجد ان الدماغ يتعرض للكثير من الجهد والممارسات التي بدورها تعزز من مرونة عمل الدماغ لدى المتعلم. بالإضافة الى ذلك، دراسة اللغة اللاتينية تعتبر احدى الطرق الفعالة لاستعادة نشاط الدماغ وإزالة الصدأ المتراكم بسبب قلة تعرضه للتحديات والممارسات الذهنية. وما دمت تتعلم اللغة اللاتينية، فإن فصي الدماغ الأيمن والأيسر يقومان ببذل مجهود عالي وذلك بسبب بعض العمليات الذهنية التي يقوم بها الدماغ خلال عملية التعلم كترجمة الأعمال الكتابية التي تساهم في تقوية بعض الجوانب الذهنية كالتكيف والذاكرة والمنطق. ولهذا، فإن كنت تولي تعلم اللغة اللاتينية اهتمامًا كبيرًا فلا شك أنها ستكون رحلة مثمرة وستغمرك بشعور الإنجاز والوصول الى أفضل مما كنت عليه.  

خامسا: تعلم اللغة اللاتينية يُعد مفتاحاً للتفوق المهني. 

توجد العديد من المهن التي تتداول اللغة اللاتينية في الوقت الحاضر باستثناء مجالات الدين والفن والأدب والتاريخ ولا تزال آثار اللغة اللاتينية واضحة بشكل كبير جداً في العديد من المهن الرئيسية حول العالم في الوقت الراهن، منها مهنة الطب والسياسة والحقوق وحتى الهندسة والرياضيات والعلوم. على سبيل المثال، في المجال القانوني هناك بعض العبارات القانونية اللازمة لصياغة القرارات أو لتحرير مسودات الدعاوَى القضائية الموثقة واسترجاعك لمثل هذه العبارات كوسيلة لإنجاز المهام القانونية يجعلها أكثر صعوبة وتعقيداً. من ناحية أخرى، عندما تكون متقناً للغة اللاتينية، فستتحدثها بالفطرة وكأنها لغتك الأم وبصورة تلقائية وفي المقابل، أدائك في المرافعات القانونية سيصبح أكثر فعالية باستخدامك لهذه العبارات بشكل صحيح. 

الخلاصة .

اللغة اللاتينية هي لغة ميته، ولكن نستطيع القول بأنها إحدى اللغات التي ستنبعث فيها الحياة تدريجياً مره أخرى اذ انها لم تختفي كلياً، لأنها كانت تُستخدم بشكل مستمر في أوجه مختلفة من أوجه الحياة. وإذا كنت أحد الشغوفين بتعلم لغات جديدة من حين لآخر، فإن اللغة اللاتينية يجب ان تؤخذ بعين الاعتبار، ولم يعد تعلمها أمرًا مستحيلًا خصوصًا بعد الأسباب المذكورة آنفًا والتي تدعم تعلم اللغة اللاتينية.

المصدر :

https://culturesconnection.com/translating-history-why-you-should-learn-latin/