النمو السريع للدورات المفتوحة الضخمة عبر الإنترنت “MOOCs’’ خلال جائحة فيروس كورونا
ترجمة: ميساء عابد
تدقيق: لولوه الحسيان
مدة القراءة: ٧ دقائق
شهدت الفصول الدراسية المفتوحة الضخمة عبر الإنترنت، أو ما تُعرف بـ “MOOCs’’ ارتفاعًا في معدلات التسجيل منذ شهر مارس.
ارتفع التسجيل في منصة كورسيرا “Coursera” المعروفة بتقديم الدورات المفتوحة الضخمة عبر الإنترنت “MOOCs’’ ارتفاعًا كبيرًا، وكان أعلى بنسبة 640 ٪ من منتصف مارس إلى منتصف أبريل مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث أن عدد المسجلين ارتفع من 1.6 إلى 10.3 مليون. وكان الدافع وراء الزيادة يعود جزئيًا إلى إتاحة الوصول المجاني إلى عدد 3800 دورة لشركائها من الجامعات. وارتفع التسجيل في منصة يوديمي "Udemy" وهي مزود آخر لدورات “MOOCs’ بأكثر من 400٪ بين فبراير ومارس. وتوافقت هذه الزيادة مع الحجر المنزلي الذي طبق في جميع أنحاء العالم عندما بدأ الوباء بالانتشار.
وبصفتي أستاذٌ في علم الفلك يدرّس ويدرس هذه الدورات، أعتقد أنه سيكون هناك تحول مستمر نحوها إذ يجبر الوباء المعلمين والطلاب سواسية على إعادة التفكير في المخاطر المرتبطة بالتعليم الحضوري. ساهم فايروس كورونا في زيادة الإقبال على دورتي "MOOCs" التي أقدمها زيادة كبيرة، مما أدى إلى ارتفاع عدد المستخدمين النشطين بمقدار عشرة أضعاف. وشهد كلاس سنترال "Class Central" وهو مجمع لهذه الدورات عددًا أكبر من الزوار في أبريل مقارنة بالعام السابق كاملًا.
ظهور الدورات المفتوحة الضخمة عبر الإنترنت "MOOCs"
وما هي "MOOCs"؟
يشير حرف "M" إلى كلمة "massive" التي تعني هائلًا، إذ أن عددًا هائلًا من الأشخاص يمكنهم الحضور والتسجيل في دورات علم الفلك وعلم الأحياء الفلكي التي أقدمها وهي دورات مجانية للجميع. وفي نفس الوقت فقد سجل بهاتين الدورتين منذ بدايتها أكثر من 200000 شخص حول العالم.
أما حرف "O" فهو الحرف الأول من كلمة "open" التي تشير إلى أنها مفتوحة وسهلة التسجيل. فالإنترنت هو كل ما تحتاجه لحضور هذه الدورات كما أن العديد منها مجاني.
ويشير الحرف "O” الثاني إلى كلمة "online" أي أن هذه الدورات تُقدم عبر الإنترنت مما يزيل حدود المكان والزمان. إذ يمكنك أن تكون في أي مكان تدرس هذه الدورات كما يمكنك أخذ وقتك في مراجعة المواد في الدورة.
بينما يرمز حرف “C" لكلمة "course" ومعناها دورة تدريبية فهي مجموعة كاملة من محاضرات الفيديو والمواد الأخرى التي تساعدك على تعلم موضوع ما. وكثير من الناس يدرسون هذه الدورات على شبكة الإنترنت لأجل متعة التعلم، لكن الأوسمة والشهادات متوفرة أيضًا.
كانت هذه الدورات موجودة منذ عقد من الزمان. ولقد شهدت نموًا هائلاً في وقت مبكر، وأعلنت صحيفة نيويورك تايمز أن 2012 هو عام الدورات المجانية عبر الإنترنت MOOC""
ولقد أصبحت أيضًا مثالًا من الطراز القديم على “هايب سايكل"- "hype cycle" حيث يميل الناس إلى المبالغة في تقدير تأثير التكنولوجيا على المدى القصير والتقليل من تأثيرها على المدى الطويل.
الدورات والشهادات
كنتُ أنوي عندما بدأتُ دورات MOOC"" لأول مرة في 2013 تعزيز مهارات التدريس عبر الإنترنت.
ويُجري فريق التعليم الذي أقوده في جامعة أريزونا بحثًا حول هذا النوع من الدورات. ونحن ننظر إلى العوامل التي تؤثر على ما إذا كان الطلاب قد أكملوا الدورة التدريبية أم لا وما الذي يحفزهم على دراستها.
وشهدت السنوات القليلة الماضية نموًا سريعًا في الشهادات المصغرة، ووحدات التعلم النمطية التي يمكن دمجها للحصول على مؤهل مثل درجة الماجستير. كما تزدهر برامج الدرجات العلمية الكاملة عبر الإنترنت. وفي نهاية 2019 تم منح 820 شهادة مصغرة و50 درجة معتمدة من هذه الدورات. كما أن العديد منها مجاني ولكن يمكنك الحصول على شهادة إتمام مقابل رسوم رمزية.
تدفع منصة كورسيرا "Coursera" لجامعاتها وشركائها حوالي 6٪ إلى 15٪ من إجمالي إيرادات جميع أنواع الدورات التي يقدمونها.
"فجوة المهارات"
يتغير مكان العمل الحديث بسبب القوى المخلة بالنظام القديم مثل الذكاء الاصطناعي والتشغيل الآلي. ويشير أصحاب العمل إلى "فجوة المهارات" أنها في الأساس عدم التطابق بين المهارات التي يتطلبها أصحاب العمل والمهارات التي يمتلكها الباحثون عن عمل. ومع ذلك، يجادل البعض بأن فجوة المهارات ما هي إلا خرافة. الفجوة حادة وخاصة في مجال التصنيع. كما فشل التعليم الجامعي التقليدي في سدها. وهذا يخلق فرصة لمقدمي دورات "MOOC"
مزايا للمتعلمين وأصحاب العمل
يصنع الباحثون نماذج لكيفية أن تكون الدورات ذات قيمة للأشخاص الذين يدرسونها. ويتوقع المتعلمون تحقيق مزايا وظيفية مثل تعزيز أدائهم الوظيفي، ومساعدتهم على بدء عمل تجاري جديد وتحسين طلباتهم للحصول على وظيفة جديدة.
ويدفع معظم الناس مقابل الدورات التدريبية من حسابهم ويدرسونها في أوقات فراغهم، وهي فرصة ضائعة لأصحاب العمل من أجل الاستثمار في قواهم العاملة بسعر رخيص نسبيًا.
تنتهز بعض الشركات التي تقدم الدورات الفرصة لمساعدة الناس على أن يكونوا أذكياء في سوق العمل المتغير.
كانت منظمة يوداسيتي "Udacity" حاضرة حين ولادة هذه الدورات في 2011 عندما أنشأ المؤسس "سيباستيان ثرون" شركة خاصة في شمال كاليفورنيا امتدادًا لدورات علوم الكمبيوتر التي كان يدّرسها في جامعة ستانفورد لكن في 2018 قل دخل الشركة تقريبًا فعاد "ثرون" من ستانفورد في 2018 لإنقاذ الشركة وحولها إلى شركة تركز على الدورات التدريبية التي توفر مهارات قابلة للتسويق. وتشمل الشركات الكبيرة الآن أمازون وجوجل إذ تقدم دورات في البرمجة وعلم البيانات.
تقدم يوداسيتي درجات نانوية "Nanodegree"(وهي درجة مصغرة جدًا ومستحدثة لزيادة مهارات الدارسين كما أنها تختلف عن الشهادات الأكاديمية. ومعظم الدورات التعليمية في هذه البرامج متعلقة بمجالات الحاسب الآلي والبرمجة وتطبيقات الهواتف الذكية) وهي شهادات معترف بها في مجال العمل لمساعدة الطلاب على تطوير مهاراتهم. ويستغرق إتمامها عادةً أربعة أشهر، ودراستها 10 ساعات أسبوعيًا، وتكلفتها 1200 دولار أمريكي فقط. وبالمثل تقدم منصة ايديكس "edX"غير الربحية التابعة لجامعة هارفارد درجة الماجستير المصغر بحوالي 1000 دولار. وهذه الدرجة عبارة عن مجموعة من دورات الدراسات العليا عبر الإنترنت تعادل فصلًا دراسيًا واحدًا تقريبًا من برنامج الماجستير بدوام كامل. وتركز الموضوعات على التكنولوجيا والأعمال والإدارة.
كانت الجامعات قلقة ذات مرة من أن هذه الدورات ستصبح منافسة عبر الإنترنت لدرجاتها الداخلية (والمكلفة للغاية). لكن يبدو أنهم وجدوها موقعًا مناسبًا باعتباره مكانًا دائمًا مدى الحياة للمتعلمين والأشخاص الذين يتطلعون إلى ترقية مهاراتهم أو تغيير حياتهم المهنية. لقد احتلوا مكانهم في مشهد ديناميكي فيما يتعلق بأساليب التدريس والتعلم في العصر الرقمي.
متعلمو دورات MOOCs الجدد
تقوم هذه الدورات بتحفيز المتعلمين عاماً بنوعين من التحفيز. فالبعض مدفوع بالاهتمام العام والنمو الشخصي. والبعض الآخر مدفوع بالتقدم المهني. فمن هؤلاء المتعلمون الجدد؟ لا نستطيع الحكم بشكل عام لأننا مازلنا في بداية الأمر ولكن من خلال البحث الذي أُجري بدورة علم الفلك أنهم صغار السن، وأكثر من نصفهم تحت سن 20.
والعديد منهم طلاب بدوام كامل وعددهم الأكبر في الهند. تأتي الزيادات فوق المتوسطة في الواقع من الناس بالبلدان النامية ولا سيما آسيا، في حين أن الزيادات دون المتوسط تأتي من الولايات المتحدة وأوروبا.
ويرجح سبب حرص هؤلاء المتعلمين على أخذ مثل هذه الدورات هو حرصهم على تطوير مهاراتهم الوظيفة أكثر من حصولهم على معلومات جديدة في علم الفلك.
التعليم العالي في متناول الجميع
يعيد الوباء تركيز الانتباه على الفرصة التي تُوفرها هذه الدورات لإضفاء الطابع الديمقراطي على التعليم العالي من خلال توفير وصول رخيص أو مجاني لأي شخص في العالم.
وصلت هذه الدورات في أقل من عقد إلى 110 مليون شخص وزاد عدد الأشخاص البالغين الذين يواصلون تعليمهم العالي منذ 1970 وحتى 2015 من 3٪ إلى 10٪.
ولا يزال هذا يترك 700 مليون من خريجي المدارس الثانوية دون الحصول على التعليم العالي، معظمهم في البلدان النامية. ويعد التعليم محركًا مهمًا لتحقيق مكاسب أعلى للأفراد والتنمية الاقتصادية ويمكن أن يساعد بتقليل عدم المساواة في الدخل.
فقد حفزت جائحة كورونا مثل هذه الدورات "MOOCs" لتحقيق الإمكانات القصوى.
المصدر:
https://world.edu/massive-online-open-courses-see-exponential-growth-during-covid-19-pandemic/