مفتاح الحظ السعيد هو العقل المنفتح

ترجمة: مريم العامر

تدقيق: تهاني رماني

مدة القراءة: ٧ دقائق

يمتلك أكثر الأشخاص حظًا في العالم، مهارات محددة تجلب لهم الفرص الذهبية.

قد تبدو كلمة الحظ مرادفه للعشوائية. نحن في الغالب نطلق لفظ محظوظ على شخص ما لننكر أهمية عمله الشاق أو موهبته.يقول ريتشارد وايزمان، أستاذ الفهم العام لعلم النفس بجامعة هيرتفوردشاير في المملكة المتحدة: "إن الأشخاص المحظوظين يتمتعون بقدرة خارقة على التواجد في المكان المناسب في الوقت المناسب وينعمون بحصص وفيرة من الحظ أكثر من غيرهم".  

ما الذي يمتلكه هؤلاء الأشخاص ولا يملكه غيرهم؟ لقد اتضح أن "القدرة" هي الكلمة الأساسية هنا. فبعيداً عن مستوى امتيازاتهم أو الظروف التي ولدوا فيها، قد يمتلك الأشخاص الأوفر حظًا في العالم، مهارات محددة تجلب لهم الفرص الذهبية.فهم بطريقة ما، تعلموا كيف يحولون فرص الحياة لصالحهم.

كريستين كارتر عالمة الاجتماع وزميلة مخضرمة في مركز أبحاث ودراسات علم النفس وعلم الاجتماع وعلم الأعصاب (The Greater Good Science) في جامعة كاليفورنيا- بيركلي، كان هدف مشروعها الشخصي هو إزالة الغموض عن مهارات الحظ. منذ بضع سنوات، نظمت دورة تدريبية عن بعد للأهالي بعنوان "كيف تربي الطفل في بيئة أسرية سعيدة". وليس هذا فقط بل ترجمت أيضاً العديد من نتائج البحث عن الصفات مثل: الامتنان، والوعي التام، والسعادة المكتسبة، والمهارات القابلة للتعلم. وأثناء عملها عثرت على مفهوم صغير مضحك بدا وكأنه مرتبط مع كل هذه الأشياء؛ ألا وهو الحظ. تقول كارتر: "كنت في شك دائم حول المفهوم المتعلق بالحظ، في الجانب التعليمي من الأمور"، وأكملت قائلة: "بصفتي عالمة اجتماع؛ بدا لي الأمر وكأنما جميع أطفال دارفور غير محظوظين؟ نحن نعلم أن هناك أموراً أخرى تتعلق بذلك".

"أبحاثه مضحكة"

بعد ذلك، عثرت كارتر على بحث لوايزمان عنوانه "الحظ" (وكان أحد كتبه يحمل عنوان عامل الحظ "The Luck Factor"، الذي نشر عام 2004م). بدأ وايزمان مهنتة كساحر وكرس حياته المهنية بالبحث في مجالات علم النفس غير المألوفة (في عام 2002م، نشرت دراسة في مجلة علم التخاطر النفسي " The Journal of Parapsychology" بعنوان "التحقيق في قصة شبح كاثرين هوارد الصارخ في قصر هامبتون كورت: المتغيرات النفسية والمجالات المغناطيسية"). وبحلول التسعينيات، تولى وايزمان مشروع غير تقليدي؛ فقد أجرى تجارب على أشخاص محظوظين وغير محظوظين وحاول قياس الإختلاف الكمي بينهم. تقول كارتر: "أبحاثه مضحكة". "أخذ وايزمان الأشخاص الذين يعرّفون أنفسهم بأنهم محظوظين والأشخاص الذين يصنفون أنفسهم عكس ذلك، ثم وضع فاتورة بقيمة 20 دولار في الشارع ولاحظ بأن المحظوظين وجدوها بينما غير المحظوظين لم ينتبهوا لوجودها".

قد يبدو هذا الإختبار التجريبي سخيفًا إلى حد ما، فهو للأسف طريقة سطحية للتمييز بين المحظوظين وغير المحظوظين. ومع ذلك، كانت هذه هي النتيجة التي وجدها وايزمان في العديد من التجارب، على مدار ١٠ سنوات من عام 1993م إلى عام 2003 م. في إحدى هذه الدراسات، زود وايزمان مجموعة من المتطوعين بجريدة وأمرهم بإحصاء عدد الصور الموجودة بداخلها. وكتب هذه الرسالة في الصفحة الثانية بخط كبير: "توقف عن العد؛ هناك 43 صورة في هذه الجريدة". ووضع رسالة مماثلة لها في المنتصف مكتوب عليها، "توقف عن العد، وأخبِر الباحث الذي يجري التجربة أنك رأيتها لتربح 250 دولارًا". بشكل عام، تم منح الوقت للمشاركين غير المحظوظين لإكمال العد. واقترح بعد ذلك، أن الحظ له علاقة باستغلال الفرص، حتى إذا كانت غير متوقعة.  

لم يتوقف وايزمان عند هذا الحد. بل حوّل هذه النتائج إلى ما يسمى بـ "مدرسة الحظ"، حيث يمكن للأشخاص في هذه المدرسة تعلم تقنيات جلب الحظ بناءً على أربع مبادئ رئيسية وهي: تعظيم الفرص المتاحة، والاستماع إلى الحدس، وتوقع الحظ الجيد، وتحويل الحظ السيئ إلى جيد. هذه التقنيات تشمل العديد من الأمور مثل: استخدام التأمل لتعزيز الحدس، والاسترخاء، وتصور الحظ الجيد والتحدث إلى شخص جديد على الأقل كل أسبوع. وبعد مرور شهر من ذلك، تابع وايزمان الأمر مع المشاركين وكانت النتيجة أن 80% من المشاركين كانوا أكثر سعادة وأوفر حظا من غيرهم خلال الشهر الماضي.

تقول كارتر: "أعتقد أنه إذا كان وايزمان يستطيع تدريب الأشخاص ليكونوا محظوظين، فبكل تأكيد بإمكانك تعليم هذه المهارات لأطفالنا، بالإضافة إلى الآثار الجانبية الإيجابية الأخرى مثل: المهارات الاجتماعية والإحساس القوي بالامتنان “. وتوصلت أيضاً إلى بعض التقنيات الأساسية التي يتعين على الآباء تعليمها لأبنائهم مثل: الاستعداد لاكتساب خبرات جديدة، وتعلم كيفية الاسترخاء، والحفاظ على التواصل الاجتماعي والتحدث إلى الغرباء. فكل هذه التقنيات تشترك في موضوع واحد ألا وهو أن تكون أكثر انفتاحا على بيئتك جسدياً وعاطفياً.

"لو كنت قلقًا بأنك لن تجد موقف لسيارتك، فستكون نظرتك للأمور ضيقة جدًا، وبالتالي ستفقد محيط رؤيتك".

هذا منطقي. كلما كنت مدركًا لمحيط بيئتك، كلما زاد احتمال حصولك على مورد ثمين أو تفادي كارثة ما. المحظوظون لايجذبون الفرص الذهبية والحظ الجيد بطريقة سحرية، بل يتجولون بعيون مفتوحة، ويعيشون اللحظه بأكملها (هذه تعتبر مشكلة بالنسبة للأشخاص الذين لا تفارق أعينهم شاشة الجوال). وهذا يعني لو تأثرت القدرة الجسدية أو العاطفية بأي شي حولها، فسيصعب عليها التعامل مع بيئتها؛ وكنتيجة لذلك سيتم التأثير على ما يسمى بـ "الحظ" - القلق، بالنسبة للفرد. فالقلق الجسدي والعاطفي يغلق باب الفرص أمامنا.

تقول كارتر: "لو كنت قلقًا بأنك لن تجد موقف لسيارتك، فستكون نظرتك للأمور ضيقة جدًا، وبالتالي ستفقد محيط رؤيتك لأن آلية الطيران أو القتال لديك تخلق رؤية ثنائية". ينحاز إنتباه الأشخاص القلقون إلى التهديدات المحتملة، وتقل إحتمالة تحدثهم مع الغرباء. وفيما يخص ذلك، تقول كارتر: "نُعلم أطفالنا ألاّ يتحدثوا مع الغرباء ونعلمهم الخوف من الآخرين، وهذا يمنعهم من إقتناء الفرص التي قد يجلبها الأشخاص؛ ولكنه يثير القلق أيضًا".

قد يرفض مؤيدي فكرة "خطر الغرباء"، لكن الفكرة واضحة: قلل من خوف وقلق الأطفال تجاه مقابلة الأشخاص الجدد، وبالتالي افتح المجال أمامهم للتعرف على أشخاص قد يجلبوا لهم فرص ذهبية.

اكتشفت كارتر أن مجرد انفتاح عقول الآباء بهذه الطريقة لفكرة أن الحظ يمكن تعلمه، قد تحدث فرقًا كبيرًا. وتعترف كارتر بأنها تنحدر من سلسلة النساء القلقات، وأن تعلمها لمهارة الحظ لم تكن سهلة أبدًا. لكن ما أن تتقنها فبإمكانك أن ترى الخير من المواقف السيئة، والتي تحسن من استجابتك للحوادث غير المتوقعة.

وذكرت كارتر في مدونة (Huffington Post) قائلة: " نحب أنا وأطفالي قراءة كتاب "Zen Shorts" للكاتب جون موث، والذي يتناول حكمة قديمة عن ابن مزارع كسر ساقه. عندما يقول جيرانه: "يا له من حظ سيء!"، فيرد المزارع عليهم: "ربما"؛ إذ تبين لاحقاً أن الساق المكسورة أنقذت ابنه من الذهاب للحرب ... "

 

 

المصدر:

https://getpocket.com/explore/item/the-key-to-good-luck-is-an-open-mind

 

انسخ الرابط
أضف تعليق تعليقات الزوار ( 0 )